النقد فن التمييز بين الأساليب ، وتبيان مميزات العمل الأدبي وعيوبه ، او هو الحكم لصالح العمل او ضده
وكلمة ( نقد ) في اللغة العربية ، تعني تمييز الدراهم ، وإخراج الزائف منها ، ثم تطورت اللفظة بعد ذلك الى الكشف عن محاسن العمل الأدبي ومساوئه ، وقد نشأ النقد مع نشوء الأدب او بعده بقليل ، فاذا اعتبرناه يسير مع الأدب ، فنعني ان الأديب حين ينتهي من كتابته للنص ، يعيد قراءته ، كاشفا أخطاءه ، مقوما عيوبه ،فيحذف كلمة واضعا مكانها كلمة أخرى يجدها أكثر جمالا ،او يشطب على جملة مغيرا إياها ، إلى جملة اشد ابهارا وبهاء ، وأكثر وقعا في نفس المتلقي من تأثير الجملة الأولى ،،، وحين نقول ان النقد الأدبي باتي بعد النص ، نعني بكلامنا ان الكاتب حين ينتهي من كتابته نصه ، يطبعه لينشره بين الناس ليمكنهم من الإطلاع عليه ، ويأتي الناقد ويقرا الكتاب المنشور ، فيحلله مبينا مميزاته وعيوبه ، وحين يطلع القاريء على النصوص الأدبية ، وتثير به الإعجاب او قد لا تتمكن من إثارة ذلك الإعجاب ، فالإعجاب او عدمه لانطلق عليه لفظة النقد ، بل لابد من المضي الى أكثر من إظهار الإعجاب ، بخطوات أخرى ، يبين بها القاريء أسباب إعجابه بنص معين ، وتبيان مناطق القوة والضعف ،،
يبدأ ( النقد ) بانطباع يتركه النص في نفس القاريء المتلقي ، وينتهي بحكم ، وهذا الحكم لابد ان يبنى على أسس متعارف عليها ، من الذوق المرهف المصقول ، والثقافة المتنوعة ، ودراية واسعة بأمور السياسة وعلم الاجتماع ومعرفة بالتاريخ والجغرافية والأديان
وقد تطور ( النقد ) في العصر الحديث ، وتعددت مناهجه ، ولكن يبقى المعنى العام له واحدا ، منذ أرسطو وحتى اليوم ، وهو لا يعدو ان يكون أسئلة عقلية يطرحها الشخص الذي يتصدى للعملية النقدية ، عن مضمون النص ، والطريقة التي سلكها الأديب ،، للتعبير عن أفكاره ، وعواطفه ، وليس الأدب مضمونا فقط ، انما هو شكل جميل أيضا ، كما ان المضمون ليس فكرا خالصا ، بل تصحبه العواطف والمشاعر ، فمهمة الناقد هي الكشف عن مضامين النص الأدبي الفكرية والعاطفية ، والكيفية التي لجأ إليها الكاتب للتعبير عن تلك المضامين ،، تأتي بعد ذلك عملية التقويم ، بمعنى الحكم لصالح العمل الأدبي او ضده ، وهذا الرأي الذي تراه جمهرة النقاد ، تختلف فيه معهم مجموعة من النقاد ترى ان مهمة النقد تقتصر على الكشف عن مضامين النص الأدبي ، وأسلوبه ، اما مسالة الحكم فتترك للقاريء
العملية النقدية تمر بثلاث مراحل ، تسمى المرحلة الأولى منها مرحلة ( التفسير ) وتعني تبيان المعنى العام الذي أراد الأديب ان يعبر عنه ،، المرحلة الثانية تسمى مرحلة ( التحليل ) هو شرح الطريقة التي سلكها الأديب للتعبير عن أفكاره وعواطفه ، أي الشكل الذي ارتضاه الأديب وعاء ليحمل مضامينه من أفكار وعواطف ورؤى ، ويريد بها ان تصل الى القاريء بشكل جميل ،،، المرحلة الثالثة هي ( التقويم ) وتعني إظهار مدى نجاح الأديب او فشله في التعبير عن المضمون بالشكل المناسب
الناقد لا يستطيع الحكم على النص الأدبي بيسر وسهولة ، اذ لابد ان تدعمه الثقافة الواسعة بعلم الكلمة ومدلولاتها وجمالها والاستعمال الحقيقي لها و المجازي ،والنقاد يختلفون بالطريقة التي ينظرون بها للنص الأدبي ، فيهتم الواحد منهم بجانب معين ومحدد ، البعض يهتم بالمضمون ، وآخر يعنى بالشكل ، بعضهم يرى ان العمل الأدبي صورة لمنشئه ونسميه المنهج النفسي في النقد ، وفئة ثانية من النقاد تعتقد ان العمل الأدبي صورة للواقع الاجتماعي وهو ما نطلق عليه المنهج الاجتماعي ،، ومجموعة ثالثة من النقاد ، ترى ان النص الأدبي موجود بصورة مستقلة عن الأديب الذي أنشأه ، وعن المجتمع الذي عاش بين أبنائه ، ويسمى هذا المنهج الفني
ان العمل الأدبي نوع من الفنون الجميلة ، التي تعتمد على اللغة وتراكيبها ، للتعبير عن المضامين ، والإشكال بأسلوب فني جميل ، قادر على التاثير في المتلقي والسمو بعواطفه ومشاعره