" الرحلة الأصعب" لفدوى طوقان سيرة الأدب والمقاومة والصمود
تمهيـــــد:
تعتبر سيرة فدوى طوقان" الرحلة الأصعب" خير نص أدبي وثائقي يعكس ماعرفته الأمة العربية بصفة عامة وفلسطين بصفة خاصة من نكسات متكررة ونكبات تراجيدية في ظل الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني. كما يعتبر هذا النص أيضا أقرب وثيقة إلى الصدق الموضوعي في تحديد ملابسات بعض الكتابات النثرية والقصائد الشعرية التي كتبنها فدوى طوقان؛ لأنه يبرز لنا السياقات والحيثيات المرجعية والتاريخية التي كانت وراء إبداعها وسجالها السياسي والأدبي والفكري . علاوة على كون هذه السيرة النصية تسعفنا كثيرا في فهم دواوين فدوى طوقان وتفسيرها على ضوء بواعثها ومقصدياتها التداولية. إذاً، ماهي خصائص فن السيرة كما يجسدها النص الذي بين أيدينا " الرحلة الأصعب" بناء ودلالة ووظيفة؟ وما هي أبعاد هذه السيرة المرجعية وقيمتها الأدبية والفنية؟
1- المستـــــــــــــوى المناصــــي:
ولدت فدوى طوقان الكاتبة الفلسطينية المشهورة في مدينة نابلس سنة 1917م. وهي من أسرة مثقفة وغنية لها حظوة كبيرة في المجتمع الفلسطيني ومكانة محترمة لدى القيادات السياسية والعسكرية في الحكومة المحتلة. أشرف أخوها الشاعر المقاوم إبراهيم طوقان على تعليمها وتثقيفها وتوجيهها لتستكمل بعد وفاته دراساتها لمدة سنتين في أكسفورد ببريطانيا. وقد امتزج في مذكراتها كثير من صور التشريد والطرد والنفي والرعب والمجازر التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني. وعايشت الشاعرة مجموعة من النكسات والنكبات والحروب والهزائم كنكبة 1948م، ونكسة 1967م وحرب أكتوبر 1973م ومعاهدة الصلح لسنة 1978م وانتفاضة الشعب الفلسطيني وثورة أطفال الحجارة وانبثاق حركة فتح لتحرير فلسطين. وقد جمعت فدوى طوقان في شعرها بين المنزع الرومانسي والتحدي الثوري الملتزم بالقضية و الدفاع عن الإنسان الفلسطيني على غرار الشواعر الفلسطينيات الأخريات كسلمى خضراء الجيوسي ودعد الكيالي وسميرة أبو غزالة وأسمى طوبى. وتوفيت المبدعة الشاعرة سنة 2003م بعد تكريمها في كثير من الملتقيات الأدبية والشعرية داخل الوطن المحتل وخارجه. وصدرت لفدوى طوقان دواوين عدة منها:" وحدي مع الأيام" سنة 1952م، وديوان " وجدتها " سنة 1959م، وديوان" اعطنا حبا" سنة 1961 م، وديوان "الليل والفرسان" سنة 1969م ، و ديوان "على قمة الدنيا وحيدا "، وديوان " تموز والشيء الآخر"، وديوان" اللحن الأخير" الذي صدر سنة 2000 م. وكتبت سيرتين ذاتيتين وهما: ( رحلة صعبة- رحلة جبلية)، و( الرحلة الأصعب) سنة 1993م.
وعليه، فقد صدرت سيرة فدوى طوقان (الرحلة الأصعب) في طبعتها الأولى سنة 1993م عن دار الشروق للنشر والتوزيع بعمان الأردنية، ويندرج هذا العمل ضمن السيرة الذاتية التي تجمع بين التوثيق التاريخي والكتابة الأدبية ذات الطابعين: الإبداعي والنقدي.
وتحيل صورة الغلاف الخارجي على المرأة الفلسطينية التي تحب السلم والأمان والتعايش مع الآخر، وفي نفس الوقت هي قادرة على النضال والمقاومة والاستشهاد في سبيل الوطن بالنفس والنفيس. وتحضر الأم في الصورة الأيقونية رمزا للوطن والهوية القومية الفلسطينية. أما صورة الغلاف الخارجي الخلفي فتشير إلى صورة فدوى طوقان المبدعة الشابة سنة 1967م بصورتها الهادئة المعبرة عن البركان الذاتي الداخلي الذي يمكن أن ينفجر في أي وقت تحتك فيه المبدعة بالعدو الصهيوني الحاقد. وتدل كلمات الغلاف الخلفي على رفض الشاعرة فكرة الهروب والفرار خارج الأرض المحتلة وإصرارها على التحدي والصمود والنضال والتمسك بأهداب الأرض وجذورها إلى آخر نفس من أنفاس صيرورة حياتها.